المادة المضادة

لا تعليق



هل تقع " المادة المضادة " الى الاعلى أم الى السفل؟
------------------------------------------------
يقول علماء الفيزياء انه من المبكر الاجابة بدقة على هذا السؤال الان، لكن التوصل الى جواب ليس سوى مسألة وقت.
والمادة المضادة تعبير اطلقه العلماء على مادة مكتشفة حديثا في الفضاء تتكون من
جزيئات ذات شحنات معاكسة تماما لشحنات المادة المعروفة، سلبا وايجابا. ويبدو ان المادة والمادة المضادة تشكلتا بكميات متساوية في المراحل الاولى بعد الانفجار الكوني الهائل، لكن ولسبب غير معروف، بقيت المادة وانحسرت المادة المضادة فلم يبق منها سوى كميات ضئيلة خصوصا على ضفاف الثقوب السوداء، وفي الاشعاعات الكونية.
ويحلم العلماء بقياس اثر الجاذبية على المادة المضادة منذ اكثر من خمسين عاما، حتى انهم يعقدون مؤتمرات منتظمة حول هذا الموضوع.
فاذا كانت الذرات التي تشكل المادة العادية تسقط الى الاسفل تحت تأثير الجاذبية، فإن المادة المضادة التي يمكن وصفها بأنها مرآة المادة العادية، قد تسقط الى الاعلى مثلا، او ان تكون خاضعة لشكل آخر غير معروف حتى الآن من قوانين الجاذبية.
وتقول جويل فاجانز الباحثة في "لورانس بيركلي ناشونال لابوراتوري" الاميركية "تبعا للاحتمال غير المرجح الذي يفترض ان المادة المضادة تسقط الى الاعلى، يفترض بنا أن نعيد النظر في كل مفاهيمنا الفيزيائية، وأن نعيد التفكير في الطريقة التي يعمل بها الكون".
فبحسب عمليات الرصد غير المباشر، يبدو ان قانون الجاذبية ينطبق على المادة كما على المادة المضادة، ولكن العلماء لم يقولوا مثل هذه الخلاصة قبل ان يقيسوا بشكل مباشر اثر الجاذبية على ذرات من المادة المضادة في حالة السقوط الحر.
غير ان المادة المضادة تفنى بمجرد ملامستها للمادة العادية، وهذا الامر يصعب اجراء الدراسة المطلوبة.
في العام 1995، تمكن المركز الاوروبي للابحاث النووية من انتاج ذرات من الهيدروجين المضادة، عادت واختفت فورا.
لكن الابحاث في هذا المجال تطورت جدا، اذ تمكن العلماء في تجربة اطلقوا عليها اسم "الفا" في العام 2011 من عزل ذرات هيدروجين مضادة لاكثر من 16 دقيقة في حقل مغناطيسي، الامر الذي اتاح لهم دراسة خصائصها.
وفي دراسة نشرت في مجلة "نيتشور كوميونيكيشنر" البريطانية، قرر الباحثون في تجربة "الفا" استخدام المعلومات التي جمعت عن 434 ذرة هيدروجين مضادة لمحاولة فهم تأثير الجاذبية عليها.
ولهذه الغاية، قارن العلماء بين مقاومة التسارع لذرة هيدروجين مضادة، وقوة تأثرها بالجاذبية.
في حالة المادة العادية، تتوازى هاتان القوتان، وانعكاس ذلك ان كل الاجسام تسقط في الفراغ بالسرعة نفسها، مثلما كان حال الريشة والمطرقة اللتين القاهما رائد فضاء على سطح القمر في العام 1971.
وعلى ذلك فان النسبة بين مقاومة التسارع والتأثر بالجاذبية يجب ان تساوي واحدا، اما اذا كانت النسبة ادنى من واحد، معنى ذلك ان مقاومة التسارع اقوى من التأثر بالجاذبية، واذا صح ذلك في المادة المضادة سيكون معناه انها تقع الى الاعلى.
وتوقفت النتائج الاولية للتجربة "الفا" عند هذه الحدود، وليس متاحا للعلماء حاليا ان يحددوا اثر الجاذبية بالضبط على المادة المضادة.
ويعمل العلماء على تطوير معداتهم وتقنياتهم للامساك بذرات اخرى من المادة المضادة ودراستها، معتبرين ان ما توصلوا اليه حتى الآن ما هو الا بداية الطريق.

لا تعليق

إرسال تعليق